التسويق الفيروسي: استراتيجية ترويج معاصرة لتعزيز العلامة التجارية

 

يمكن تعريف التسويق الفيروسي ببساطة على أنه استراتيجية تشجيع الأفراد على نقل الرسائل التسويقية والإعلانات الترويجية عبر القنوات الرقمية. فبدلاً من البث المباشر للجماهير الغفيرة، كما هو السائد في طرق الإعلانات التقليدية، يستهدف التسويق الفيروسي عددًا محدودًا من المستخدمين الأوليين (غالباً العملاء الأكثر ولاء)، ويحثهم على استغلال علاقاتهم الاجتماعية لنقل الدعاية الإعلانية لأصدقائهم وزملائهم وعائلاتهم. وهنا ينشئ المسوقون رسالة تسويقية مقنعة وغير تقليدية تدفع الناس لنقلها إلى الآخرين، وذلك بهدف إحداث تأثير هائل للرسالة وخلق” تأثير وبائي”، بحيث تنتشر الرسالة من شخص إلى آخر، وليس من شخص واحد (الشركة) إلى الجميع.

وقد اكتسب التسويق الفيروسي زخماً هائلاً مع مطلع الألفية الثانية، خصوصاً في ظل شعبية الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والحوسبة المحمولة، فقد غدا التواصل بين الناس أكثر تفاعلية وتشاركية، وأضحى تبادل المعلومات أكثر انفتاحًا من أي وقت مضى، ما أفضى إلى تعزيز الانتشار الأسّي للرسائل التسويقية بين المستخدمين بنحو لا مثيل له من قبل. وكان لافتاً أن كثيراً من الشركات التجارية خلال العقد الأخير دأبت على الترويج لمنتجاتها وعلاماتها التجارية عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بإنشاء محتوى جذاب قابل للمشاركة، ويتردد صداه بعمق بين الجماهير. وربما تعطي الكيانات غير الربحية مثالاً بليغاً على أهمية التسويق الفيروسي في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه، فقد ساهمت القوة الجمعية للإنترنت في زيادة الوعي بالقضايا الاجتماعية وتعزيز المشاركة المجتمعية وحشد الدعم وجمع الأموال للقضايا المهمة.

 

المزايا الاستراتيجية لاستخدام التسويق الفيروسي

يقدم التسويق الفيروسي مزايا فريدة للشركات، من ضمنها:
  • الوصول إلى جمهور عريض، وذلك عبر حث الأفراد على استغلال شبكة العلاقات الاجتماعية لتمرير الرسائل الدعائية.
  • زيادة الوعي بالعلامة التجارية، وذلك بإنشاء محتوى دعائي لا ينسى، ومثير للاهتمام إلى أبعد حدود.
  • أقل تكلفة، لأنه لا يتطلب استهداف الجماهير على نطاق واسع، ولكن يتطلب تركيز الجهود على عينة محددة من العملاء، وحثهم على الترويج للعلامة التجارية للشركة، ومن ثم تشجيع المشاركة عبر القنوات الرقمية.
  • أكثر موثوقية وفعالية، وذلك لأن الناس تميل إلى الثقة أكثر في المعلومات الواردة من أصدقائهم أو أقاربهم أو عائلاتهم أكثر من تلك الصادرة عن وسائل الإعلام.

 

لماذا تعد وسائط التواصل الاجتماعية مثالية للتسويق الفيروسي؟

بادئ ذي بدء، تعتبر القنوات الرقمية، بشكل عام، أدوات مثالية لتفعيل استراتيجيات التسويق الفيروسي، نظراً لأنها توفر إمكانيات الوصول الواسع النطاق وإنشاء المحتوى التفاعلي وإعادة نشر الرسائل وتوجيهها بطرق متعددة. لكن السوشيال ميديا هي أهم الوسائط الإلكترونية لخلق” تأثير وبائي”، وذلك بسبب جمهورها الواسع وطبيعتها التفاعلية وخصائصها التشاركية. ويمكن إجمال الميزات التي توفرها الشبكات الاجتماعية للمختصين في التسويق الفروسي فيما يلي:

جمهور واسع وعريض: توفر منصات السوشيال ميديا للمسوقين فرصة الوصول إلى ملايين، بل عشرات وربما مئات ملايين، الأشخاص؛ فهناك ما لا يقل عن 5.3 مليار مستخدم نشط لمواقع التواصل الاجتماعي، يقضون فيها في المتوسط قرابة الساعة والنصف يومياً.

خاصية المشاركة وإعادة النشر: يمكن لمستخدمي السوشيال ميديا مشاركة المنشورات والإعجاب بها والتعليق عليها بسهولة، الأمر الذي يساهم في زيادة انتشار المحتوى الدعائي وتضخيم أثره.

التفاعلية: تدعم وسائط التواصل الاجتماعي خصائص الاتصال ثنائي الاتجاه، مما يتيح للشركات إمكانية التواصل المباشر مع جمهورها، ويعزز تبادل الأفكار والتفاهم المشترك.

الجاذبية البصرية: تعطي منصات التواصل الاجتماعية إمكانية إنشاء محتوى جذاب بصري، ومن ثم أكثر إثارة للانتباه وأكثر قابلية للانتشار.

التعزيز الخوارزمي: تستخدم العديد من المنصات الاجتماعية الرقمية خوارزميات تساهم في الترويج للمحتوى بناءً على تحديد أنماط التصفح للمستخدمين، وتعمل على إعطاء المنشورات الشعبية المزيد من الجاذبية.

شراكات المؤثرين: يمكن أن يساعد التعاون مع مؤثري السوشيال ميديا العلامات التجارية على الوصول إلى عدد أكبر من الجماهير من دون تكلف عناء الوصول إليهم مباشرة.

 

 

خصائص المحتوى القابل للمشاركة

  • القيمة المدركة للمحتوى بالنسبة للمستخدم. وهي القيمة الذاتية التي يربطها المستخدمون بالمحتوى بناءً على تصورهم لأهميته؛ وهي سمة أساسية يفترض أن تكون في المادة الإعلامية القابلة للنشر، لأن رواد السوشيال ميديا يميلون عادة إلى نشر المحتوى الذي يتوافق مع معتقداتهم، ويدعم وجهات نظرهم، ويراعي تطلعاتهم الشخصية. من هذا المنطلق، يجب أن يكتسب الرأي العام أهمية خاصة عند بناء المحتوى الفروسي، بحيث تتم مرعاة انعكاس المشاعر الجماعية على السرد الإخباري وتسليط الضوء على القصص الإخبارية الشائعة.
  • الترويج للذات. يميل الأفراد إلى مشاركة المعلومات التي تعزز من ظهورهم ومكانتهم، ويزيد ثقتهم بأنفسهم. فالفرد، بشكل عام، يستمتع بالمشاركة في المناقشات العامة، والتي قد لا تثير اهتمامه بالضرورة، ولكنها تسمح له بإبراز الشعور بالخبرة. ويمكن للمنظمات والمهتمين بالتسويق الفيروسي، في هذا الصدد، تشجيع الجمهور على نشر المعلومات وتمريرها لأشخاص آخرين من خلال التطرق إلى المواضيع التي تعزز النمو الشخصي والرؤى القيمية عند الفرد.
  • المحتوى المفيد. تكشف الأبحاث المعنية بتفاعل الجماهير مع وسائل الإعلام بأن الناس ببساطة تميل إلى نشر المعلومات بغرض إفادة الآخرين، وربما كان هذا هو السبب الكامن وراء الشعبية الكبيرة التي تحظى بها مقاطع الفيديو التعليمية بين جماهير الشبكة العنكبوتية.
  • المحتوى ذو القيمة الجمالية. من المهم أن يثير المحتوى الذي يهدف إلى إحداث تأثير فيروسي مشاعر الدهشة، ويحفز استجابات عاطفية لدى الجمهور المستهدف، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق الأخذ بالاعتبارات الجمالية، بعيداً عن المضمون، عند إعداد المحتوى. إن دمج الجماليات الفنية مع نسيج النص، سواءً كان النص مرئياً أو مسموعاً، يخلق تأثيرًا عاطفيًا عميقًا، ويجعل المحتوى قابلاً للاقتباس والمشاركة إلى حد بعيد وفعال.
  • المحتوى الترفيهي. تشير الأبحاث إلى أن الأفراد يميلون إلى مشاركة المحتوى الممتع والمسلي مع أقرانهم على شبكات التواصل الاجتماعي. إن الناس بشكل عام لا يستمتعون فقط بإظهار حس الفكاهة لديهم، ولكنهم فضوليون أيضًا لمعرفة ما إذا كان أقرانهم على شبكات التواصل الاجتماعي يتشاركون معهم نفس حس الفكاهة، ويقومون بناءً على ذلك بترويج المحتوى المضحك والمسلي. إنها بحق طريقة غريبة للتأثير في تصور الآخرين للعالم: “أجده مضحكًا، ويجب أن يتفق الجميع معي، ولذلك، أعيد نشره؛؛.
  • المحتوى الصادم. غالبًا ما تؤدي الأخبار التي تنطوي على أحداث درامية أو صادمة إلى تفاعل كبير من قبل الجمهور، ذلك أنها تثير مشاعر عميقة مثل الخوف أو الغضب أو المفاجأة، وتعطل التوقعات وتحفز ردود الأفعال الغريزية. فبشكل عام، يستغل المحتوى الصادم الآليات النفسية للعاطفة البشرية والتفاعل الاجتماعي من أجل خلق تأثير متموجًا ذي نطاق واسع.

 

كلمة أخيرة

في حين أن التسويق الفيروسي يساهم إلى حد بعيد في تعزيز الوعي بالعلامة التجارية، إلا أنه مع ذلك ينطوي على مخاطر متأصلة. أحد التحديات الرئيسية في هذا المضمار هو صعوبة التحكم في عملية الاتصال وعدم القدرة على التنبؤ بكيفية تلقي المحتوى وتفسيره ومشاركته عبر القنوات الرقمية. ولذلك، يحتاج المسوقون إلى الانتباه إلى هذه المخاطر واتخاذ خطوات استباقية لإدارتها لضمان فعالية الحملات الفيروسية وإفادتها للعلامة التجارية.